الشريط الاخباري

يلا نحكي: الحكومة الرشيدة واستحكام الرأي بقلم جهاد حرب

نشر بتاريخ: 02-12-2022 | أفكار
News Main Image

 

الرشد والحكم متلازمان مردهما العقل أي إعماله في إدارة الشأن العام، كما هو الأمر في الشأن الخاص، وترتكز العملية العقلية هنا على فهم عميق للواقع وإدراك للقدرات الظاهرة والكامنة، وعلى القدرة لحساب مقدار الربح والخسارة عند تحديد الاختيارات وموازين القوى عند فحص السيناريوهات المحتملة للحدث أو الواقعة عبر تحديد التحديات والعوامل الدافعة والأخرى الكابحة وتحديد المتداخلين في الواقعة ومصالحهم المتضاربة والمتعارضة أحيانا والمتشابكة عند نقاط التماس أحيانا أخرى.

وإعمال العقل هنا منتوجه الحصافة أي استحكام الرأي وجودته، وبذلك لا حكم بدون عقل للتدبر في حياة العامة وفقا للاتفاق المرسوم بينهم؛ لإدارة شؤونهم وخدمة المصلحة الجمعية لهم ومراعاة مصالحهم الخاصة، المعبر عنه مفهوماً في العقد الاجتماعي، ومُجسماً في الوثائق الدستورية "وثيقة إعلان الاستقلال والقانون الأساسي الفلسطيني" المحددة لآليات ممارسة السيادة الشعبية والناظمة للعلاقة بين أطرافه الحاكمة والمحكومة.

ومن نافل القول إن إعمال العقل في إدارة الشأن العام جمعي؛ أي يعبر عن المجموعة الوطنية بكليتها، وجماعي؛ أي تشارك فيه المجموعة الوطنية بأشكال مختلفة وبمراحل متعددة دون انقطاع أو انفصام ما بين الحاكم "أي المجموعة المسيطرة على مفاصل الحكومة" والمحكومين أصحاب العقد الاجتماعي الذين تنازلوا عن بعض حرياتهم لصالح العيش المشترك "المصلحة العامة" ولضمان الاستمرار بالتمتع بحقوقهم وفق معايير متفق عليها دون حَيّدٍ عنها بتفويض مؤقت للحكومة.

وهي بذلك أي الحكومة التي تحتكر استخدام القوة المشروعة دون غيرها بتفويض مجتمعي/شعبي؛ لتحصل على صفة العقل أو لتنال الحصافة، محمولة على اعتماد وسائل تُمكن من مشاركة المجموعة الوطنية في رسم السياسات واتخاذ التدابير التي تشمل التشريعات بمستوياتها المختلفة، وتبني آليات تعزز هذه المشاركة عبر الانفتاح على ممثلي المواطنين كمنظمات المجتمع المدني عبر فضاءات تفاعلية متاحة للتمثيل العادل للقطاعات أو الجهات ذات العلاقة، وتوفير أدوات المشاركة الفاعلة عبر إتاحة المعلومات الكافية والدقيقة في الوقت الملائم التي تمكن من القدرة المتكافئة للوصول للمعلومات بين الأطراف المختلفة. وذلك جله أساليب للأخذ بالأسباب الموجبة أو بالعناية الواجبة عند درسها أو مناقشتها للقضايا والموضوعات من أجل الوصول إلى استحكام الرأي وجودته.

إن الحكومة القائمة على إعمال العقل محكومةٌ بأطر وقواعد جبرية محمولة على احترامها والحرص على تطبيقها، وعلى الأخذ بكل وسائل العناية بتحقيق النتائج لمنفعة المواطنين ولخدمة المصلحة العامة.

شارك هذا الخبر!